يدخل العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة اليوم يومه الثامن عشر، ولا احد يعرف ما هي الخطوة الاسرائيلية المقبلة، لكن ما يمكن معرفته وبشكل مؤكد ان المقاومة الفلسطينية لم ترفع الرايات البيضاء، وما زالت تحافظ على معظم قدراتها القتالية.
الاسرائيليون يبثون دعاياتهم المدروسة بعناية فائقة حول بعض خططهم العسكرية من اجل بث الرعب في صفوف الفلسطينيين والعرب، مثل تقسيم الحرب الى مراحل، والقول ان المرحلة الثالثة المتمثلة في اقتحام قلب مدينة غزة باتت وشيكة.
في واقع الحال لا توجد مرحلة اولى او ثانية او ثالثة، بل يوجد عدوان من طرف واحد يستهدف شعبا محاصرا مجوّعا لا يملك الا اسلحة دفاعية محدودة التأثير بسبب الخذلان العربي، ويواجه اغلاق المعابر والحصار البري والبحري المتواصل منذ اربعين عاما.
القوات الاسرائيلية تتردد في ارسال الدبابات الى قلب مدينة غزة لانها وعلى مدى الاسبوعين الماضيين لم تنجح مطلقا في تحقيق اي من اهدافها، خاصة ايقاف اطلاق الصواريخ، او انهاء سيطرة حركة 'حماس' على القطاع، ولذلك لا تريد الوقوع في مصيدة حرب المدن التي قد تأتي نتائجها كارثية على الجيش الاسرائيلي الذي لا يهزم.
اسرائيل احتلت قطاع غزة مرتين، الاولى عام 1956 ومكثت فيه بضعة اشهر، والثانية عام 1967 وبقيت فيه ما يقرب من الأربعين عاماً، ولذلك فهي تعرف كل شارع وحارة ومنزل، مثلما تعرف الخريطة البشرية جيداً. اي انها لا تنقصها المعلومات التي يمكن ان تساعدها في حال الهجوم، ولكن ربما لأنها تعرف القطاع جيداً تتردد في الهجوم ومحاولة السيطرة على المدينة الصامدة، وتكتفي بالبقاء على الأطراف.
فمن اللافت ان اسرائيل التي تملك اجهزة استخبارية تدعي انها الأفضل في العالم، من حيث القدرة على التعامل مع ما تسميه 'الارهاب'، فشلت في اختراق فصائل المقاومة استخبارياً حتى الان، ولم تستطع قتل او اعتقال مسؤول واحد كبير من قيادات المقاومة، ولولا ان الشهيد نزار ريان رفض مغادرة منزله وقرر الشهادة في مكانه ورفض الانذارات الاسرائيلية في هذا الخصوص، لظل على قيد الحياة حتى الآن.
ولعل الفشل الاستخباري الأهم حتى الآن هو عجز الاستخبارات الاسرائيلية في الوصول الى الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شليط ومكان أسره، رغم انها كررت اكثر من مرة انها تعرف مكانه، وستعمل على اطلاق سراحه.
حقائق كثيرة عن هذه الحرب، تعكس انجازات كبيرة للمقاومة لم يتم الكشف عنها بعد، ربما لأن هناك اولويات أهم، او لأن الوقت غير ملائم، ولكن بعد ان يهدأ الغبار، سنكتشف الكثير من القصص البطولية في الدفاع عن الكرامة العربية الاسلامية، والتصدي لهذا العدوان الوحشي.