النقائض : جمع نقيضة ، و هي أن يأتي شاعر بمعنى في شعره ثم يأتي شاعر آخر لينقض المعنى الذي جاء به الشاعر الأول بنفس القافية و الوزن و على نفس الروي..
وجدت النقائض في الجاهلية و انتقلت إلى الإسلام و لكن بشكل نادر ، و ازدهرت في العصر الأموي على أيدي جرير و الأخطل و الفرزدق..
كيف قامت النقائض بين جرير و الفرزدق ؟ و ما المسبب لها ؟
في يوم من الأيام قام الراعي النميري و شتم جريراً و عيره بفقره ، فرد جرير عليه ببيت شعر يهجوه و قومه فيه
ثم جاء الفرزدق و اصطف إلى جانب الراعي النميري و هجا جريراً ، وهنا بدأت القصائد التي ترد المعنى على قائلها و تنقض المعنى عن المقالة له
"الأخطل سار مع الفرزدق في هجاء جرير ، و قالوا : " كان جريراً يهجو و يرد و تعاون على هجائه الفرزدق و الأخطل
" و قالوا أيضاً : " جرير يغرف من بحر ، والفرزدق ينحت من صخر
و هذا القول الأخير ؛ لما كان عليه جرير من براعة في نظم الشعر دون تكلف على عكس الفرزدق الذي كان يعاني من صعوبة نظم الشعر و كان متكلفاً ، كما كان الفرزدق شديد الغيرة من جرير رغم أن جريراً كان فقيراً ، و لكن كان لجرير سمعة طيبة و كان حسن الخلق بينما الفرزدق كان قبيح الشكل و سيء الخلق..
و الآن إليكم بعض القصص عنهم :
1_حبس خالد القسرى( و هو عامل العراق) الفرزدق فشفع له جرير و أخرجه من السجن ، و لما سئل جرير :" كيف يشفع له و هو عدوه " فقال جرير : ذلك أذل له.
2_كان يجلس جرير و الفرزدق والأخطل في مجلس عبد الملك بن مروان ، فقال لهم : من يحسن مدح نفسه ؛ له كيس من النقود يحتوي 500 دينار
فقال الفرزدق :
أنا القصران و الشعراء جربى
و في القصران للجربى شفاء
و قال الأخطل :
فإن تكُ زقّ زاملة فإني
أنا الطاعون ليس له دواء
و قال جرير :
أنا الموت الذي أتى عليكم
فليس لهارب مني نجاء
فرمى عبد الملك بكيس النقود لجرير..
3_ حلف الفرزدق بالطلاق على زوجته لما قال بيتاً يمدح نفسه به ؛ إن نظم جريراً ما يتفوق على ما نظم
فقال الفرزدق مخاطباً جرير :
إني أنا الموت الذي هو ذاهب
بنفسك فانظر كيف أنت محاوله
فسهر جرير ليلة بطولها حتى أخرج بديعاً من نظمه الذي تفوق به على قول الفرزدق ، فقال :
أنا الدهر يفني الموت و الدهر خالد
فجئني بمثل الدهر شيئاً يطاوله
فلما سمعه الفرزدق طلق زوجته..
و هكذا كان دائماً جرير يتفوق على الفرزدق رغم مساندة الأخطل للفرزدق ضده