هل هذا العنوان صحيح ؟؟
كثير من الناس يقول أنا مع من يقول بسنية صلاة الجماعة وإذا سألته عن الدليل يقول لا بس هذا القول عاجبني وكأن الدين يسمح لكل من أعجبه رأي أن يتبعه , وهذا لعمري هو الضلال المبين .
ولكن الواجب اتباعة ما نص علية الكتاب والسنة فإذا ثبت الدليل من الكتاب والسنة وجب العمل به دون النظر إلى مايخالفه مهما بلغ علم القائل به ومهما كان هواي تبعا له .
نرجع إلى وجوب الصلاة فأقول :
صلاة الجماعة فرض عين على الرجال المكلفين القادرين، حضراً وسفراً، للصلوات الخمس لأدلة صريحة كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة، والآثار، ومنها ما يأتي:
1- أمر الله تعالى حال الخوف بالصلاة جماعة فقال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [سورة النساء، الآية: 102]. فالله - عز وجل- أمر بالصلاة في الجماعة في شدة الخوف، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية، فلو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لأسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، فدّل ذلك على أن الجماعة فرض على الأعيان.
2- أمر الله - عز وجل- بالصلاة مع المصلين فقال: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}. [سورة البقرة، الآية: 43]، فقد أمر الله - عز وجل- بالصلاة مع جماعة المصلين والأمر يقتضي الوجوب.
3- عاقب الله من لم يُجب المؤذن فيصلي مع الجماعة بأن حال بينهم وبين السجود يوم القيامة، قال - عز وجل-: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ، خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [سورة القلم، الآيتان: 42-43]. فقد عاقب سبحانه من لم يجب الداعي إلى الصلاة مع الجماعة بأن حال بينه وبين السجود يوم القيامة، وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً". وفي لفظ: ".. فيُكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه..".
وهذا فيه عقوبة للمنافقين وأن ظهورهم يوم القيامة تكون طبقاً واحداً: أي فقار الظهر كله يكون كالفقارة الواحدة فلا يقدرون على السجود .
4- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع الجماعة، فعن مالك بن الحويرث - رضي الله عنه- قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة - وكان رحيماً رفيقاً- فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال: "ارجعوا فكونوا فيهم، وعلِّموهم، وصلُّوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم" .
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة الجماعة، والأمر يقتضي الوجوب.
5- هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: "لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أُخالف إلى رجالٍ يتخلَّفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم، ولو عَلِمَ أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها". وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب ليحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء". وفي لفظ مسلم: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتموهما ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار". وفي هذا الحديث دلالة على أن صلاة الجماعة فرض عين .
6- لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى بعيد الدار في التخلف عن الجماعة؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له؛ فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟" فقال: نعم، قال: "فأجب".
وعن ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: "هل تسمع النداء؟" قال: نعم، قال: "لا أجد لك رخصة". وفي لفظ أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتسمع حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح؟ فحي هلا.
وهذا يصرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا رخصة للمسلم في التخلف عن صلاة الجماعة إذا سمع النداء، ولو كان مخيراً بين أن يصلي وحده أو جماعة، لكان أولى الناس بهذا التخيير هذا الأعمى الذي قد اجتمع له سنة أعذار: كونه أعمى البصر، وبعيد الدار، والمدينة كثيرة الهوام والسباع، وليس له قائد يلائمه، وكبير السن، وكثرة النخل والشجر بينه وبين المسجد .
7- بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر". وهذا يدل على أن صلاة الجماعة فرض عين، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله- يقول: "معنى لا صلاة له: أي لا صلاة كاملة بل ناقصة، والجمهور على الإجزاء..."
8- تركُ صلاة الجماعة من علامات المنافقين ومن أسباب الضلال؛ لقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: "لقد رأيتُنا وما يتخلَّف عن الصلاة إلا منافق قد عُلِم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهُدى، وإن من سنن الهُدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه". وفي رواية: أن عبد الله قال: "من سرَّه أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات، حيثُ ينادى بهِنَّ؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهنَّ من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف"
وهذا يدل على أن التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم، وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه، ومعلوم أن من استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما بترك فريضة أو فعل محرم وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة، وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنةٌ، وطعامهم نُهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هَجْراً، ولا يأتون الصلاة إلا دَبْراً مستكبرين، لا يألفون ولا يؤلفون، خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار". وفي لفظ: "سُخُبٌ بالنهار"
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء وصلاة الفجر أسأنا به الظن". وفي رواية عنه - رضي الله عنه-: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة الغداة أسأنا به الظن".
9- تارك صلاة الجماعة متوعد بالختم على قلبه؛ لحديث ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواده: "لينتهين أقوامٌ عن ودعهم الجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين". وهذا التهديد لا يكون إلا على ترك واجب عظيم.
10- استحواذ الشيطان على قوم لا تقام فيهم الجماعة؛ لحديث أبي الدرداء- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من ثلاثة في قرية، ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية". قال زائدة: قال السائب:
يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم باستحواذ الشيطان عليهم بترك الجماعة التي شعارها الأذان، وإقامة الصلاة، ولو كانت الجماعة ندباً يخير الرجل بين فعلها وتركها لما استحوذ الشيطان على تاركها وتارك شعارها .
11- تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي صلاة الجماعة؛ لحديث أبي الشعثاء قال: كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة - رضي الله عنه- فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة - رضي الله عنه-: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم". فقد جعله أبو هريرة - رضي الله عنه- عاصياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجه بعد الأذان؛ لتركه الصلاة جماعة.
قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى-: "فيه كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلا لعذر والله أعلم". وقد جاء النهي صريحاً، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي". وعنه - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة، ثم لا يرجع إليه إلا منافق".
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله- يذكر أنه لا يجوز الخروج من المسجد الذي أذن فيه، إلا لعذر: كأن يريد الوضوء أو يصلي في مسجد آخر.
قال الترمذي - رحمه الله-: "وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر، أو يكون على غير وضوء، أو أمرٌ لا بد منه".
وذكر المباركفوري - رحمه الله-: أن الحديث يدل على أنه لا يجوز الخروج من المسجد، بعدما أذن فيه، إلا للضرورة، كمن كان جنباً، أو عليه حدث أصغر، أو الذي حصل له رعاف أو الحاقن، ونحوهم، وكذا من يكون إماماً لمسجد آخر، ومن في معناه .
12- تفقد النبي صلى الله عليه وسلم للجماعة في المسجد يدل على وجوب صلاة الجماعة؛ لحديث أبي بن كعب - رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبح، فقال: "أشاهد فلان؟" قالوا: لا، قال: "أشاهد فلان؟" قالوا: لا، قال: "إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما، لأتيتموها ولو حبوا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى"