ولسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أيضاً أسماء عدة بيَّنها تعالى في محكم التنزيل، وكلها ذات معانٍ عالية، ولكن بكلِّ موقع كان له صلى الله عليه وسلم الاسم المناسب والمنطبق مع حاله النفسي.
فلقد سمَّاه تعالى على لسان سيدنا عيسى عليه السلام بأحمد، قال تعالى في سورة الصف (6): {وإذ قال عيسى ابن مريم ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} أي: أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أحمد الخلق لله، وبذلك سما وعلا فكان أسبق العالمين وسيد المرسلين، فقد حمد الله حمداً لم يسبقه به نبي مرسل ولا ملكٌ مقرَّب، بل ولا أحد في العالمين، فكان أحمد الخلق وأعلاهم وأرقاهم وأسماهم.
إذن كلمة (أحمد) صيغة من صيغ التفضيل لكمة (حامد).
فالرسل جميعهم حامدين لله عزَّ وجل على فضله وكرمه، وكان صلى الله عليه وسلم أحمدهم له، إذ أقبل على الله إقبالاً سبق به العالمين فكان أقربهم من الله منزلةً وأشدهم لله حمداً.
أما كلمة (محمد) فذلك هو الاسم الذي سُمِّي به صلى الله عليه وسلم من قِبَلِ أهله (ولكلِّ مسمّى من اسمه نصيب)، وقد كان نصيبه صلى الله عليه وسلم من اسمه النصيب التام المطلق. فشهد له سبحانه وتعالى بذلك حين قال في سورة الفتح (29): {محمد رسول الله والذين معه..}، فهو عليه الصلاة والسلام صاحب الكمال المطلق والصفات الحميدة التي اشتقها من الله، فكان كامل الأوصاف خُلقاً وخَلْقاً. فهو شجاع الذي لم يجبن قط، والأمين الذي لم يخن، والطاهر الذي لم تتلوث نفسه، والكريم الذي لم يبخل، والرؤوف الرحيم الذي لم يقسُ، والعليم العادل البر...
فإن فضل رسول الله ليس له حدٌّ فيعـرب عنـه نـاطق بفـم