قصص الحب
للأنبياء والصحابة
آدم وحواء الحديث الشريف يذكر أن آدم حين دخل الجنة استوحش وحدته في جنة الله والتي كل منا يعمل لينال رضي الله فتكون هذه سكنه وجزاء عمله.. وصلى الله عليه وسلم ذلك إلا أنا آدم لم يهنا بالعيش وحيدا شعر أنه محتاج لحواء، وهذا الكلام ليس من الخيال لكنه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو نائم إذ خلق الله من ضلعه حواء. فاستيقظ فرآها بجواره قال: من أنت؟؟..
قالت: امرأة قال: ما اسمك؟؟
قالت: حواء
قال: ولما خلقت؟؟
قالت: لتسكن إلي....
وروي أن الملائكة سألت آدم عليه السلام:
قالت: أتحبها يا آدم ؟
قال: نعم
قالوا لحواء: أتحبينه يا حواء
قالت: لا
وكان في قلبها أضعاف ما في قلبه من حبه.
فقالوا: فلو صدقت امرأة في حبها لزوجها لصدقت حواء..
وتحكي الآثار وقصص السابقين..أن آدم نزل بالهند وحواء بجده..
ويقال أن آدم ظل يبحث عن حواء حتى التقيا عند جبل عرفات ولو انتبهتم أن عرفات أقرب إلى جده وبعيده جداً عن الهند, فسبحان الله آدم هو الذي تعب جداً وظل يبحث عن حواء كثيراً حتى وصل إليها وكانت هذه أولى قصص الحب في التاريخ.
****
هناك قصة أخرى لحبيبين رائعين هما:
سيدنا إبراهيم وزوجته سارة
فقد كان يحبها حباً شديداً حتى أنه عاش معها ثمانين عاماً وهي لا تنجب، لكنه من أجل حبه لا يريد أن يتزوج عليها أبداً ولم يتزوج من السيدة هاجر (أم إسماعيل) إلا حين طلبت منه سارة ذلك، وأصرت على أن يتزوج حتى ينجب..
هل يمكن للحب أن يصل لهذه الدرجة ؟
ثمانين عاما لا يريد أن يؤذي مشاعر زوجته ،ثم بعد أن تزوج هاجر وأنجبت إسماعيل صلى الله عليه وسلم غارت سارة وهذه هي طبيعة المرأة- فطلبت ألا تعيش مع هاجر في مكان واحد .. فوافق إبراهيم عليه السلام وأخذ هاجر وابنه الرضيع إسماعيل إلى مكان بعيد إرضاءً لزوجته الحبيبة امتثالا أيضا لكلام الله سبحانه ..
****
سيدنا موسى وابنة شعيب
القصة وردت في القرآن حين خرج سيدنا موسى من مصر ذهب الى مدين وكان متعبا جدا، ووجد بئرا والرجال يسقون منه وامرأتان تقفان لا تسقيان فذهب وهو"نبي" إلى المرآتين
يسألهما: ما خطبكما؟
فردوا ببساطه: لا نسقي حتى يصدر الرعاء .. فلولا أن أبانا شيخ كبير لما وقفنا هذا الموقف.
فسقي سيدنا موسى لهما في مروءة،وبعد أن سقي لهما (لاحظوا ) تركهما فورا وتولى إلى الظل فذهبت الفتاتان إلى أبوهما تحكيان له عما حدث فطلب الأب أن تأتي الفتاتان بالشاب...
فذهبت إحداهما تمشي وفي مشيتها استحياء .
وتقول: أن أبي يدعوك
الفتاه أعجبت بالشاب وليس عيبا...والأب فاهم وذكي ..فعرض عليه أن يتزوج احدي الابنتين لأنه قريب من ابنته ويفهمها جيدا ..فهذا نموذج لعلاقة في إطار راقٍ ومحترم.
****
و نختتم بأحلى قصه حب في التاريخ ، .والزواج اختبار حقيقي للحب، والحب الحقيقي هو الذي يستمر بعد الزواج حتى لو مات أحد الطرفين يستمر الحب..
حب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام للسيدة خديجه رضي الله عنها ..
حب عجيب للسيدة خديجه حتى بعد موتها بسنه تأتي امرأة من الصحابة للنبي وتقول له:يا رسول الله ألا تتزوج؟ لديك سبعه عيال ودعوة هائلة تقوم بها..فلا بد من الزواج قضيه محسومة لأي رجل فيبكي النبي وقال": وهل بعد خديجه أحد؟"
ولولا أمر الله لمحمد بالزوجات التي جاءت بعد ذلك لما تزوج أبدا..
محمد لم يتزوج كرجل إلا خديجه وبعد ذلك كانت زوجات لمتطلبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينسى زوجته أبدا حتى بعد وفاتها بأربعة عشر عاما..يوم فتح مكة والناس ملتفون حوله وقريش كلها تأتي إليه ليسامحها ويعفو عنها فإذا به يرى سيده عجوز قادمة من بعيد ..فيترك الجميع..ويقف معها ويكلمها ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويجلس مع العجوز عليها..
فسألت السيدة عائشة : من هذه التي أعطاها النبي وقته وحديثه واهتمامه كله؟
فيقول: هذه صاحبة خديجه..
فتسأله: وفيم كنتم تتحدثون يا رسول الله؟
فقال : كنا نتحدث عن أيام خديجه.
غارت عائشة وقالت: أما زلت تذكر هذه العجوز وقد واراها التراب وأبدلك الله خيرا منها..
فقال النبي : والله ما أبدلني من هي خيرا منها .. فقد واستـني حين طردني الناس وصدقتني حين كذبني الناس
فشعرت السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب , فقالت له: استغفري لي يا رسول الله
فقال: استغفري لخديجه حتى استغفر لكِ .
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد
****
حب الصحابة
.... عمر بن الخطاب وحبه لزوجته ..
أحد الصحابة كان يضيق بزوجته جداً ..لأن صوتها عالٍ دوما ..وتعرفون أن من النساء من لديها حنجرة دائمة الصياح ....فالصحابي من ضيقه ذهب يشتكي إلى أمير المؤمنين
سيدنا عمر بن الخطاب فذهب ليطرق الباب فوجد صوت زوجة عمر يعلو على صوت عمر ويصل إلى الشارع فخاب أمله ومضى..وبينما هو ينوي المضي إذا بعمر يفتح الباب..
ويقول له : كأنك جئت لي..
قال: نعم ،جئت أشتكي صوت زوجتي فوجدت عندك مثل ما عندي ..
فأنظر إلى رد عمر وعاطفته
يقول" تحملتـني..صلى الله عليه وسلم سلت ثيابي وبسطت منامي وربت أولادي ونظفت بيتي ،تفعل ذلك ولم يأمرها الله بذلك ،إنما تفعله طواعية وتحملت كل ذلك ،أفلا أتحملها إن رفعت صوتها"
"وليس كرجال اليوم يتزوجها ولا يحسن إليها ويعتقد أنها من واجبها أن تعمل كالخادمة وإذا ضاقت بها الحياة وضاقت به ورفعت صوتها استنكر ذلك فهو رجل وهي امرأة أو خادمة مضمونا "
فهذا هو الحب والعاطفة الحقيقة وهذي هي المعاملة الحسنة للزوجة ..
عبد الله بن عمر العابد الزاهد التقي الذي وقع في حب جارية له حبا شديدا (والجارية في هذا الزمن كانت كالزوجة في حلها للرجل)، تعثرت يوما في مشيتها ووقعت، ففوجئ من شاهد الواقعة أنه ما احتمل الموقف وظل يمسح لها التراب عن وجهها بيديه قائلا: فداك نفسي وروحي، ثم حدث أنها فارقته فكان حزينا لذلك جدا وكان حين يتذكرها يقول فيها الشعر، ويتهم نفسه بالتقصير في حق حبيبته لأنها فارقته.. فلم يخش هذا الصحابي من البوح والإعلان عن هذا الحب فقد كان يفخر بهذا الحب ولا يخجل منه.
ولنلقي نظرة علي قصة أغلى مهر في الإسلام' بطلة هذه القصة الصحابية 'أم سليم' ­ رضي الله عنها ­ التي كانت من السابقات إلي الدخول في الإسلام وهي امرأة مؤمنة راجحة العقل، وأم أنس بن مالك خادم رسول الله ­ صلي الله عليه وسلم ­ الذي نشأ يتيما، فقالت: لا أفطم أنس حتى يدع الثدي، ولا أتزوج حتى يأمرني أنس... ومضت السنوات والحديث عن أنس وأمه بين الناس ينال كل التقدير والإعجاب بهذه المرأة، وعلي الفور تقدم للزواج من أم سليم وعرض عليها مهرا صلى الله عليه وسلم اليا، إلا أن المفاجأة أذهلته وعقدت لسانه، فهذه فرصة عظيمة أمام أم سليم حيث المال والجاه والشباب، فردت أم سليم بكل أدب وعزة وقالت: 'والله، ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك صلى الله عليه وسلم غيره'.
لقد هزت هذه الكلمات كيان أبي طلحة وازداد إعجابه بأم سليم ورأي فيها المرأة العاقلة ولم يجد خيرا منها لتكون زوجة صالحة له وأما عظيمة لأولاده، فما شعر إلا ولسانه يردد 'أنا علي مثل ما أنت عليه، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله'.
وقال ثابت راوي الحديث عن أنس 'فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم: الإسلام..' أخرجه النسائي.
مكافأة الرحمن
ولنتأمل قصة الصحابية الجليلة 'أم سلمة' و'مكافأة من الرحمن' فقد كانت أم سلمة من المهاجرات الأوائل في الإسلام مع زوجها عبد الله بن عبد الأسد (أبو سلمة)، وقد عاشت أم سلمة في كنف زوجها في سعادة غامرة وقد كلل هذا الزواج المبارك بالإيمان بالله فامتلأ قلب الزوجين بالسعادة والحب.. حتى جاءت لحظة الفراق وأبو سلمة علي فراش الموت دار بينه وبين زوجته هذا الحوار الروحاني.. فعن زياد بن أبي مريم قال: قالت أم سلمة لأبي سلمة: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة، ثم لم يتزوج، إلا جمع الله بينهما في الجنة. فتعال أعاهدك ألا تتزوج بعدي، ولا أتزوج بعدك، قال: أتطيعينني؟ قالت: نعم، قال: إذا مت تزوجي.. اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلا خيرا مني، لا يحزنها ولا يؤذيها، فلما مات، قلت: من خير من أبي سلمة؟..
وتأتي المنحة الربانية والمكافأة من الله سبحانه وتعالي فتصبح أم سلمة إحدي أمهات المؤمنين ويا لها من مكافأة عظيمة.. قالت أم سلمة: سمعت رسول الله ­ صلى الله عليه وسلم ­ يقول: 'ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: (إنا لله وإنا إليه راجعون) اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، فلما احتضر أبو سلمة، قلت ذلك، وأردت أن أقول: 'وأبدلني خيرا منها' فقلت: ومن خير من أبي سلمة؟ فلم أزل حتى قلتها، إلا أخلف الله عليها بأفضل خلقه محمد ­ صلى الله عليه وسلم ­. صحيح مسلم
... من هنا فلم نجد في أشهر قصص الحب مثل هذا الحب، الذي يتفاني فيه كل طرف لإدخال البهجة والسرور علي الطرف الآخر، فلتكن هذه دعوة لعودة بيوتنا إلي زمن الحب الجميل ­ الحب في الإسلام ­ فقد أولي الإسلام عناية كبيرة للعلاقة القائمة بين الزوجين، كما وضع عدة مبادئ لضمان تحقيق الاستقرار والسكن مصداقا لقوله تعالي: ûومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (المائدة: 54).
واختتم هذا الحديث الشيق عن الحب برأي فضيلة الشيخ السيوطي حين سئل عن حكم الإسلام في الحب فقال: 'إن الإسلام لا يقول لك لا تحب أو لا تكره ولكن يقول لك أن حببت فلا تسرق وإذا كرهت فلا تظلم وإذا أحببت فلا تفجر ثم إنه يعالج لك ما تلقاه من ألم الحب بقانون حب هو الزواج... وكم في الناس من حيل بينهم وبين تطلعات حبهم لكنهم سلموا لله فعاشوا سعداء بالحب نفسه ينشرون الحب من حولهم ويفوضون أمرهم لله ويحتسبون صبرهم هذا علي فقد الحبيب في موازينهم يوم الحساب..