الصحابى الذى قتلته المعصيه ندما
قصة ما أحوجنا جميعا لقراءتها وتدبُّرها إنها لصحابي لطالما وقف على باب النبي خادما خاشعا خاضعا لربه، تملؤه العزة بنبيه، وها هو يذنب ذنبا لا يكفيه في عُرفِه الندم والتوبة والحسرة، فيهيم على وجهه في الصحراء ليعود لنا برواية نحكيها لنتعلم منها الكثير والكثير فمن هو ذلك الصحابي وما هي قصته إنه ثعلبة بن عبد الرحمن رضي الله عنه
كان ثعلبة بن عبد الرحمن رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في جميع شؤونه، وذات يوم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له، فمر بباب رجلٍ من الأنصار فرأى امرأة تغتسل وأطال النظر إليها
ثم بعد ذلك أخذته الرهبة وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع، فلم يعد إلى النبي ودخل جبالا بين مكة والمدينة، ومكث فيها قرابة أربعين يوماً
وبعد ذلك نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن رجلاً من أمتك بين حفرة في الجبال متعوِّذ بي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمر بن الخطاب وسلمان الفارسي انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن
فليس المقصود غيره، فخرج الاثنان من أنقاب المدينة فلقيا راعيا من رعاة المدينة يقال له زفافة
فقال له عمر: هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة؟
فقال لعلك تريد الهارب من جهنم؟
فقال عمر: وما علمك أنه هارب من جهنم؟
قال: لأنه كان إذا جاء جوف الليل خرج علينا من بين هذه الجبال واضعا يده على أم رأسه وهو ينادي: ياليتك قبضت روحي في الأرواح.. وجسدي في الأجساد.. ولم تجددني لفصل القضاء
فقال عمر: إياه نريد فانطلق بهما فلما رآه عمر غدا إليه واحتضنه
فقال: ياعمر هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبي؟
قال: لاعلم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فأرسلني أنا وسلمان في طلبك
قال: يا عمر لا تُدخِلني عليه إلا وهو في الصلاة
فابتدر عمر وسلمان الصف في الصلاة فلما سلَّم النبي عليه الصلاة والسلام قال يا عمر يا سلمان ماذا فعل ثعلبة ؟
قال هو ذا يا رسول الله.. فقام الرسول صلى الله عليه وسلم فحرَّكه وانتبه
فقال له: ما غيَّبك عني يا ثعلبة؟
قال: ذنبي يا رسول الله
قال النبي صلى الله عليه أفلا أدلك على آية تمحو الذنوب والخطايا؟
قال: بلى يا رسول الله
قال النبي صلى الله عليه وسلم: قُل"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار"""
قال: ذنبي أعظم
قال الرسول صلى الله عليه وسلم بل كلام الله أعظم
ثم أمره بالانصراف إلى منزله، فمر من ثعلبة ثمانية أيام ثم إن سلمان أتى رسول الله
فقال: يا رسول الله هل لك في ثعلبة فإنه لِما به قد هلك؟
فقال رسول الله: فقوموا بنا إليه
ودخل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فوضع رأس ثعلبة في حجره لكن سرعان ما أزال ثعلبة رأسه من على حجر النبي صلى الله عليه وسلم
فقال له: لِم أزلت رأسك عن حجري؟
فقال: لأنه ملآن بالذنوب
قال رسول اللة: ما تشتكي؟
قال: مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدى
قال الرسول الكريم : ما تشتهي؟
قال: مغفرة ربي
فنزل "جبريل" عليه السلام فقال: يا "محمد" إن ربك يقرئك السلام ويقول لك:
لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطايا.. لقِيته بقرابها مغفرة--
فأعلمه النبي بذلك؛ فصاح صيحة بعدها مات على أثرها فأمر النبي بغسله وكفنه، فلما صلى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام جعل يمشي على أطراف أنامله، فلما انتهى الدفن قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله رأيناك تمشي على أطراف أناملك
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق نبياً ما قدرت أن أضع قدمي على الأرض من كثرة ما نزل من الملائكة لتشييعه
فسبحان ربي الأعلى ما أعجب أن يصل الإنسان بندمه على المعصية لأبعد مما يمكن أن يصل إليه بالطاعة