الحج ومناسكه من أعظم ما شرع الله تعالى لعباده لتطهير أرواحهم وتزكية نفوسهم عبادة الحج لبيته الحرام
الحج بكسر الحاء وفتحها- مصدر حج المكان يحجه إذا قصده، فمعنى الحج على هذا: قصد بيت الله الحرام بمكة المكرمة لأداء عبادات خاصة من طواف وسعي، وما يتبع ذلك من وقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة، ورمي للجمرات.
تاريخ الحج وبيان فرضيته على هذه الأمة ومن ثم نعلم أن الله تعالى قد تعبد ذرية إسماعيل بهذه المناسك وأنها بقيت في العرب إلى عهد الإسلام الحنيف. غير أن العرب لما نسوا التوحيد وداخلهم الشرك تبع ذلك تحريف وتغيير في أعمال هذه العبادة، شأنهم في ذلك شأن الأمم إذا فسدت سرى الفساد في كل شيء منها.
وقول الله تعالى:
ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس أدلة فرضية الحج ووجوب العمرة وإجماع الأمة من أقوى الأدلة على ذلك، فجحود هذه العبادة يعتبر من الكفر الصراح الذي لا يقبل الجدل بحال من الأحوال.
العمرة وأما
العمرة وهي لغة الزيارة، وشرعا، زيارة بيت الله الحرام للقيام بمناسك خاصة كالطواف والسعي، والحلق... وأكبر فارق بينها وبين الحج: أن ميقاتها الزماني غير محدد، بل هو مطلق فتصح العمرة في أي وقت من أوقات السنة بخلاف الحج، فإن له وقته المحدد وأشهره المعلومة، إذ قال تعالى:
الحج أشهر معلومات وهي شوال والقعدة والحجة.
الخلاف في وجوب العمرة ومما تجدر ملاحظته هنا: أن القائلين بعدم وجوب العمرة لا يعنون أنها ليست ذات. شأن، أو أنها ليست مما يطهر النفس ويقرب من الله تعالى كالحج، لا بل هم يعدونها من أعظم أنواع القرب كالحج وغيره، ويكفي للتدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اعتمر أربع عمرات ثلاثا منفردات
وأخرى أدخلها على حجه صلى الله عليه وسلم
وفائدة الخلاف تظهر في المعضوب
فمن قال بالوجوب فإنه يلزمه بأن يستنيب عنه غيره فيعتمر عنه، وإن كان قد مات ولم يوص، فإنه يعتمر عنه بمال من التركة قبل قسمتها، لأن هذا يعتبر دينا يجب قضاؤه، كل هذا فيما إذا كان المعضوب ممن يجب عليهم الحج والعمرة لتوفر شروطهما. ومن لم يقل بالوجوب فلا يلزمه بالاستنابة، وإن مات فليس على الورثة من حق في أن ينيبوا من يعتمر عنه.
الواجب في الحج والعمرة مرة فقط