(عن سلمان الفارسي: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( أنا مدينة العلم وعلي بابها) فلما سمع الخوارج بذلك حسدوا عليا على ذلك، فاجتمع عشرة نفر من الخوارج، وقالوا: يسأل كل واحد عليا مسألة واحدة لننظر كيف يجيبنا فيها، فإن أجاب كل واحد منا جوابا واحدا علمنا أنه لا علم له.
فجاء واحد منهم وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
فأجاب عليه السلام: إن العلم أفضل،
فقال له: بأي دليل؟
فقال: لأن العلم ميراث الأنبياء والمال ميراث قارون وهامان وفرعون.
فذهب الرجل إلى أصحابه بهذا الجواب فأعلمهم،
فنهض آخر منهم وسأله كما سأل الأول
فقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
فقال عليه السلام: العلم،
فقال، بأي دليل؟
فقال: (لأن المال تحرسه، والعلم يحرسك)، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم،
فقالوا: صدق علي،
فنهض الثالث،
وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
قال عليه السلام: العلم،
فقال: بأي دليل؟
فقال: (لأن لصاحب المال أعداء كثيرة، ولصاحب العلم أصدقاء كثيرة)، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فنهض الرابع،
وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
قال عليه السلام: العلم، قال: بأي دليل؟
قال: (لأن المال إذا تصرفت فيه ينقص، والعلم إذا تصرفت فيه يزيد)، فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك، فقام الخامس،
وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
فقال عليه السلام: بل العلم أفضل،
فقال بأي دليل؟
فقال: (لأن صاحب المال يدعى باسم البخل واللوم، وصاحب العلم يدعى باسم الإكرام والإعظام)، فرجع إلى أصحابه وأعلمهم بذلك.
فنهض السادس،
وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
فقال عليه السلام: بل العلم أفضل،
فقال: بأي دليل؟
فقال: (لأن المال يخشى عليه من السارق، والعلم لا يخشى)، فذهب إلى أصحابه وأعلمهم بذلك،
فنهض السابع،
وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
قال عليه السلام: العلم أفضل، قال: بأي دليل؟
قال: (لأن المال يدرس بطول المدة ومرور الزمان، والعلم لا يندرس ولا يبلى)، فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك.
( وأما الثامن فساقط من الأصل)
فنهض التاسع،
وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟
قال: بل العلم، قال: بأي دليل؟
قال: (لان المال يقسي القلب ، والعلم ينور القلب)، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بذلك.
فقام العاشر،
وقال: يا علي! العلم أفضل أم المال؟ قال عليه السلام: العلم،
قال: بأي دليل؟
قال: (لأن صاحب المال يتكبر ويتعظم بنفسه، وصاحب العلم خاضع ذليل مسكين)، فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك،
فقالوا: صدق الله ورسوله، ولا شك أن عليا باب العلوم كلها.
فعند ذلك قال علي عليه السلام: (والله لو سألني الخلق كلهم ما دمت حيا لم أتبرم، ولأجبت كل واحد منهم بجواب غير جواب الآخر إلى آخر الدهر).