همس القلوب الحب المـدير العام
عدد الرسائل : 1474 العمر : 59 الموقع : https://elsayed.3rab.pro العمل/الترفيه : محاسب وصاحب مكتب رحلات تاريخ التسجيل : 25/06/2008
| موضوع: قال صهيب رضى الله عنه السبت 19 يوليو 2008 - 12:43 | |
| عن صهيب رضي الله عنه قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى همس شيئا لا أفهمه ولا يخبرنا به ، فقال يوما : ( أفطنتم لي ؟ ) ، قلنا : نعم ، قال : ( إني ذكرتُ نبياً من الأنبياء أعطي جنوداً من قومه ، فقال : من يكافئ هؤلاء ؟ أو من يقوم لهؤلاء ؟ - أو كلمة نحو ذلك - ، فأوحي إليه : أن اختر لقومك إحدى ثلاث : أما أن نُسلّط عليهم عدواً من غيرهم ، أو الجوع ، أو الموت ، فاستشار قومه في ذلك ، فقالوا : أنت نبي الله ، فكل ذلك إليك ، خِرْ لنا ، فقام إلى الصلاة - وكانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة - فصلّى ما شاء الله ثم قال : أي رب ، أما عدوٌّ من غيرهم فلا ، أو الجوع فلا ، ولكن الموت : فسلّط عليهم الموت ، فمات منهم سبعون ألفا ، فهمسي الذي ترون أني أقول : اللهم بك أقاتل ، وبك أصاول ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) " رواه أحمد .
مايرشد له الحديث ألفاظ الحديث النبوي تنطق بالكثير من الدروس البليغة والحكم العظيمة ، يستوقفنا في مبدئها قول الصحابيّ الجليل صهيب رضي الله عنه : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى همس شيئا لا أفهمه ولا يخبرنا به " ، فهو يدلّ على المراقبة الدائمة التي كان يفعلها الصحابة رضوان الله عليهم لحركاته نبيّهم عليه الصلاة والسلام وسكناته ، ومنطقه وسكوته ، ليقتدوا به ويأتسوا بأفعاله ، ولهذا استحقّ ذلك الجيل المنزلة العالية والتزكية البالغة من الله تعالى : { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما } ( لفتح : 29 ) .
وإذا كان الصحابة على قدرٍ عالٍ من الشغف بالعلم والنهم للتعلّم ، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – ما كان يكتم عنهم شيئاً يقرّبهم إلى الله ، ويبدعهم عن النار ، ويفيدهم في دينهم ودنياهم .
وتدلّ القصّة على خطر الإعجاب بالنفس ، والركون إلى الأسباب الدنيويّة ، وما خبر يوم حنينٍ عنّا ببعيد ، يوم أُعجب المؤمنون بكثرتهم وعددهم – وكانوا اثني عشر ألفاً – فقالوا : " لن نُغلب اليوم من قلّة " ، ونسوا أن يستحضروا أسباب النصر الحقيقيّة ، فأوكلهم الله إلى أنفسهم ، وكادوا أن يُغلبوا ، لولا نزول السكينة الإلهيّة على المؤمنين في ساحة المعركة ، ولولا أن جاء المدد من الله بالملائكة الكرام ، فكان لهم ذلك أعظم درس .
ومن دلالات القصّة أيضا : أن العقوبة قد تحلّ ، والعذاب قد ينزل ، والهزيمة قد تصيب المؤمنين ، لا لأسبابٍ ظاهرة ، ومعاصٍ واضحة ، ولكن لأسبابٍ خفيّة وعوامل داخليّة لا يُدركها سوى أرباب العقول الراجحة .
ونختم بفائدة أخرى دلّ عليها الحديث : وهو أن من شأن المؤمنين اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى حال الشدائد والكرب ، وحال الحيرة والتردّد ، كي تنجلي عنهم الشدّة ، ويستبين لهم الرأي الرشيد ، والاختيار السديد . | |
|